لنكمل مابدان بة فى الجزء الاول
شواهد من كتاب الله تعالى، ولسان الحال يقول لأولئك الذين آمنوا بعدوهم الطاغوت: {قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ،أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (66-67) سورة الأنبياء.
كلُّ ساحرٍ متسوِّل ... الكثير من الناس شاهدوا منذ عدة سنوات أولئك الذين كانوا يسيرون في الشوارع والأسواق، ويمارسون أمام الناس
ألعابهم ( أبواب سيما ) كيف يُخرِجون من أفواههم البيْض وليرات الذهب وشفرات الحلاقة والطيور، والغريب كل الغرابة: أن هذا ( الساحر) المُوجد من العدم، والعالم بالغيب على زعمه، تراه بعد انتهائه من ألاعيبه هذه وبنهاية العرض يمدُّ يده للناس ليعطوه النقود لقاء عرضه على ما فعل وأتى، ليسدَّ رمقه من جوعه وفقره إذن!. فالسحر أبداً لا يأتي بالمال، فلِمَ لا يخلق الساحر نقوداً وأموالاً ولو لكفايته فقط ؟!. تغنيه عن التسول لسدِّ رمقه!.
مَثَلُهم في ذلك من القرآن الكريم السحرة الذين استدعاهم فرعون ليأتوا بسحرٍ عظيم يبطل معجزة العصا التي جاء بها سيدنا موسى عليه السلام
قال تعالى يصف فقرهم وتسوُّلهم: {فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ} (41) سورة الشعراء، أي: إن غلبنا تعطينا أجراً، وبهذا يطلبون مالاً وهم أساطين الإتيان بالعجائب والغرائب، مع أن كلاًّ منهم سحَّار عليم ولا يؤتون أنفسهم ما يكفيهم العَوَز!. وأمثالهم السحرة في كل زمان ومكان.
أيضاً هناك أشخاص يدَّعون أنهم من أهل الله وما هم من أهل الله، ومن أصحاب الكرامات وهم أصحاب السفالات، فيقومون بضرب أنفسهم بآلات حادة كالرماح والسكاكين أمام حشد من الناس،أو يقومون بتحضير الأرواح، ومنهم من يستخدم ما يسمونه بالمندل في كشف الأمور الخفية، وهناك من يقضي أياماً وأسابيع في بحيرة تحت الماء دون هواء بواسطة القرائن الشيطانية التخييلية، أو يمشي على الجمر حافي القدمين، أو يأكل الزجاج، وقد تم تصوير العديد منهم.
وإذا سألت هؤلاء الناس الذين يدَّعون بأنهم من أهل الله عن سبب قيامهم بمثل هذه الأعمال لأجابوك: إننا نقوم بها لدعم وإثبات صحة دين الإسلام أمام الكفَّار. مع أنهم يقومون بها في قرى إسلامية ليس فيها كافر. إذن: هم يعتقدون أن الناس جميعاً كفرة ما عداهم. فنقول:
أولاً:
الإسلام دين عقل ومنطق،وأصول وقوانين يسير عليها الإنسان ليصل إلى الإيمان فالتقوى، وهي
الاستنارة بنور الله )، ليست طريقاً اعتباطياً وخروجاً عن القوانين والأنظمة الكونية الملموسة المحسوسة، والمخالفة للتفكير الذي به يتميز الإنسان عن الحيوان،هذه الأمور المخالفة للواقع والمناقضة للتفكير برؤية من يدخل السكين أو الرمح في بطنه،أو من يمشي على النار ليخيِّل إلى ناظره أنه يفعلها، إنَّما هي سحر وتخيُّلات وهمية، والإسلام دين حقائق يدرك الإنسان سموه بسلوكه، لا بنظره إلى أفعال المشعوذين والدجَّالين.
وأيضاً ما يعمله بعض السحرة الروسْ أو مَنْ يسمُّون أنفسهم علماء مغناطيسيين، يعرضون عجائبهم على المسارح في كيف أن أحدهم يحدِّق بعيني فتاة معه على أعين الناس، ويشير بأصابعه على وجهها فيغمى عليها وتقع، فيتناولها بكلتا يديه ويمددها على طاولة على مرأى من الجمهور وهو على المسرح، فيتمتم فترتفع الطاولة بمقدار نصف متر بالهواء، ويأخذ حبلاً ثخيناً، فيلفَّها ويربطها بالحبل ربطاً محكماً بالطاولة، ثم يسكب عليها البنزين ويشعله عن بعدٍ فتحترق الطاولة والفتاة، وبعدها يصفق بكلتا يديه فتخرج الفتاة نفسها من باب خلفي بالمسرح لتحيي الجمهور وهي سليمة معافاة، ومن ثمَّ يتقاضى أجره على ما فعل، فأي شيش ورمح يذكر تجاه إحياء الموتى بعد حرقهم؟!.
أوَ ما تفوَّقت لعبة الساحر على كرامة الشيشيين ضاربي الرمحَ بأجسامهم أو آكلي الزجاج لإثبات صحة الدين؟!.
فعجبٌ قولهم، والأعجب من يصدِّقهم!..
ثانياً:
وإن العقل السليم والفكر القويم لا يقبل بأن إنساناً يضرب بدنه بسكين ولا يؤذى،ولو كان ذلك صحيحاً لكان أسبقهم في هذا المضمار الرسل الكرام:
{قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ .. } (11) سورة إبراهيم وصحابتهم" وحاشاهم "، والذين مَن استشهد منهم في المعارك إثر الطعن والجروح.
فهذه الأفعال طبعاً هي أفعال سحرة حصراً، ولا مجال لأخذ ورد في ذلك، كما حاول البعض في تفسير مثل هذه الأفعال تفسيرات علمية ففشل!!.
فأي علمٍ هذا الذي يفسِّر المشي على الجمر والنار،أو إمرار رمح من جانب البطن ليخرج من الجانب الآخر تفسيرات مادية؟!.
فالإنسان يتكون من لحمٍ وعظمٍ، ومن جملةٍ من الأعصاب والأحاسيس والعروق الدموية، فهل بُنْيتهم غير بنية بقية البشر، أم لهم خلْق وقانون حياتي آخر حتى لا يتأثروا بالنار وقطْع الرماح والسكاكين؟!. وهم ولدوا مثلنا وأكلوا مما أكلنا!. بل هم من طينتنا وعجينتنا،أصلهم بنو بشر لكنهم ارتدوا نفوس قرنائهم من خبثاء الجن من أجل ارتكاب الفواحش الخفية بنفوسهم، يصاحبون القرناء الذين شطنوا لعالَمنا استجابة لنداء خبثاء الإنس السحرة، فعبروا عبر أجسامهم لنفوسهم فلبسوها، هنا جعلوا قرناءهم من الجن لباساً لأجسامهم الذين هم من النار مخلوقون، لذا كانت السيطرة لنفوس الجِنَّة وقاية لهم من الاحتراق بالجمر الذي كانوا عليه يدوسون، فقاموا بأعمال الجِنَّة الإبليسية التخييلية النفسية لا المادية :تخييل للأعين لا حقيقة.
فلو وُجِد بين المتفرجين على أعاجيب الساحر مؤمن شهودي واحد قلبه مرتبط برسول الله السراج المنير صلى الله عليه وسلم وذكر اسم الله في نفسه لفرَّت القرائن الشيطانية بنفوسها من جسم الساحر، ولتوقَّف شغل الساحر ولما استطاع الإتيان بعجيبة واحدة، عندها هو يعلم عِلمَ اليقين أنه لو داس على الجمر لاحترقت قدماه، ولو ضرب الشيش "الرمح" في بطنه لمات، وحلّت به الآفات، فمتى فُقِدَ الإيمان الحقيقي الشهودي ظهرت نفوس القرائن من الشياطين على السحرة بعد عبورها بهم بناءً على طلبهم،فبوجود المؤمنين الذاكرين الله المرتبطة قلوبهم بسراجهم المنير صلى الله عليه وسلم قُضي على السحر والسحرة، وبطُلَ دجلهم وتعطَّل سريان خبثهم، فإن كان المؤمن قوياً قُضي على إفكهم ودجلهم، أي: احترقت شياطينهم تماماً كما قضى سيدنا موسى عليه السلام على شياطين السحرة فآمنوا، ونور ونار لا يجتمعان.
وكذلك كما قضيَ على السحر والسحرة بعد ظهور سيدنا محمَّد صلى الله عليه وسلم في الجزيرة العربية إلا قليلاً ممن قضى عليهم صحبه الكرام البررة.
وإن فُقد الإيمان استشرى هذا المرض من السحر وراجت سوق السحرة، وما هم بضارين به من أحدٍ إلا الخبثاء المرتكبين كبائر ما يُنهون عنه من المحرمات كالفواحش... عندها يتم الاستحقاق على العصاة ما لم يتوبوا ويسلكوا مسالك الحق وأهله، فإن تابوا بصدق زال عنهم تأثير كل سحر، وانتقلوا بقلوبهم إلى عوالم النعيم المقيم والغبطة الأبدية مع النبيين أو الصدِّيقين أو المشاهدين للحق أو الصالحين، وحسنت حياتهم وطوبى لهم.
إذن: ما هذه الأعمال إلاَّ محض سحر وعلاقة وتعاون مع عالَم الشياطين بالخفاء، حتى تظهر هذه التخييلات والأوهام لتسحر أعين الناس.
ثالثاً:
السحرة هم أشد الناس بعداً عن الاستقامة ... الاستقامة عين الكرامة، فليست الكرامة أن يطير الإنسان بالهواء، ولا أن يمشي على الماء، لأن كثيراً من الحيوانات والحشرات تفعل ذلك.
ننتظر ردكم لنكمل